فصل: من لطائف القشيري في الآيتين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فوائد لغوية وإعرابية:

.قال ابن عادل:

قوله: {فَفِي رَحْمَةِ الله} فيها وجهان:
أحدهما: أن الجارَّ متعلق بـ {خالِدُونَ}، و{فِيهَا} تأكيد لفظي للحرف، والتقدير: فهم خالدون في رحمة الله فيها. وقد تقرر أنه لا يؤكد الحرف تأكيدًا لفظيًا، إلا بإعادة ما دخل عليه، أو بإعادة ضميره- كهذه الآية- ولا يجوز أن يعود- وحْدَه- إلا في ضرورةٍ.
كقوله: [الرجز]
حَتَّى تَرَاهَا وكَأنَّ وكأنْ ** أعْنَاقَهَا مُشَدَّدَاتٌ بِقَرَنْ

كذا ينشدون هذا البيت.
وأصرح منه في الباب- قول الشاعر: [الوافر]
فَلاَ وَاللهِ لا يُلْقَى لِمَا بِي ** وَلاَ لِلِمَا بِهِمْ أبَدًا دَوَاءُ

ويحسن ذلك إذا اختلف لفظهما.
كقوله: [الطويل]
فَأصْبَحْنَ لا يَسْألْنني عَنْ بِمَا بِهِ ** أصَعَّدَ في عُلُوِ الْهَوَى أمْ تَصَوَّيَا

اللهم إلا أن يكون ذلك الحرفُ قائمًا مقام جملة، فيُكَرَّر- وحده- كحروف الجواب، مثل: نَعَمْ نَعَمْ، وبلى بلى، ولا لا.
والثاني: أن قوله: {فَفِي رَحْمَةِ الله}: خبر لمبتدأ مُضْمَر، والجملة- بأسْرها- جواب: أما والتقدير: فهم مستقرون في رحمة الله، وتكون الجملة- بعده- من قوله: {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} جملة مستقلة من مبتدأ وخبر، دلت على أن الاستقرار في الرحمة على سبيل الخلود، فلا تعلُّق لها بالجملة قبلها من حيث الإعراب. اهـ.

.قال الفيروزآبادي:

وقد ورد الرّحمة في القرآن على عشرين وجهًا:
الأَوّل: بمعنى منشور القرآن: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}.
الثانى: بمعنى سيّد الرُسُل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}، وقال صلىَّ الله عليه وسلَّم: «إِنَّما أَنَا رَحْمَة مُهْدَاة».
الثالث: بمعنى توفيق الطَّاعة والإِحسان: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ الله لِنتَ لَهُمْ}.
الرَّابع: بمعنى بنوّة المرسلين: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ}.
الخامس: بمعنى الإسلام والإِيمان: {يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ}.
السّادس: بمعنى نعمة العِرفان: {وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ} أي معرفة.
السّابع: بمعنى العصمة من العصيان: {إِلاَّ مَن رَّحِمَ}.
الثامن: بمعنى أَرزاق الإِنسان والحيوان: {لَّوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي}.
التاسع: بمعنى فَطَرَات ماءِ الغِيثان: {وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ}.
العاشر: بمعنى العافية من الابتلاءِ والامتحان: {أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ}.
الحادى عشر: بمعنى النجاة من عذاب النيران: {وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ}.
الثانى عشر: بمعنى النُصْرَةِ على أهل العدوان: {أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً}.
الثالث عشر: بمعنى اللأُلْفة والموافقة بين أَهل الإيمان: {وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً}.
الرابع عشر: بمعنى الكتاب المنزل على موسى بن عمران: {وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً}.
الخامس عشر: بمعنى الثناء على إِبراهيم والوِلدان: {رَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ}.
السّادس عشر: بمعنى إِجابة دعوة زكريا مبتهلا إِلى الله المَنَّان: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا}.
السّابع عشر: بمعنى العفو عن ذوى العصيان: {لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله}.
الثامن عشر: بمعنى فتح أَبواب الرَّوْحِ والرَّيْحان: {مَّا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا}.
التاسع عشر: بمعنى الجنَّةِ دار السّلام والأَمان: {إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}.
العشرون: بمعنى صفة الرّحيم الرحمن: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}. وفى الخبر: «إِنَّ الله تعالى خلق الأَرواح قبل الأَجساد بأَربعة آلاف سنة، وقدَّر الأَرزاق قبل الأَرواح بأَربعة آلاف سنة، وكَتب الرَّحمة على نفسه قبل الأَرزاق بأَربعة آلاف سنة».
ولهذا قال: «سبقت رحمتى غضبى، وعفوى عقابى». اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآيتين:

أرباب الدَّعاوَى تسودُّ وجوههم، وأصحابَ المعاني تبيض وجوههم، وأهل الكشوفات غدًا تبيضُّ بالإشراق وجوهُهُم، وأصحاب الحجاب تسودُّ بالحجبة وجوهُهُم، فتعلوها غَبَرة، وترهقها قَتَرَة.
ويقال مَنْ ابيض- اليومَ- قلبُه ابيضَّ- غدًا- وجهُه، ومَنْ كان بالضد فحاله العكس.
ويقال مَنْ أعرض عن الخلق- عند سوانحه- ابيضَّ وجهه بروح التفويض، ومَنْ علَّق بالأغيار قلبَه عند الحوائج اسودّ محيَّاه بغبار الطمع؛ فأمّا الذين ابيضت وجوههم ففي أُنُسٍ وروح، وأمّا الذين اسودّت وجوههم ففي محن ونَوْح. اهـ.

.من فوائد الشعراوي في الآيتين:

قال رحمه الله:
{يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}.
وهنا يجب أن نعلم أن الاسوداد والابيضاض هما من آثار اختلاف البيئات في الدنيا، فالشخص الأسود يزيد الله في تكوينه عن الشخص الأبيض بما يناسب البيئة، لأن المادة الملونة للبشرة في جسده موجودة بقوة، لتعطيه اللون المناسب لمعايشة ظروف البيئة، أما أبيض البشرة فلا يملك جسده القدر الكافي من المادة الملونة، لأن بيئته لا تحتاج مثل هذه المادة الملونة.
إذن فالسواد في الدنيا لصالح المسود، أما في هذه الآية، فهي تتحدث عما سوف نراه في الآخرة حيث يكون السواد والبياض مختلفين، تماما كما تتبدل الأرض غير الأرض والسماوات، غير السماوات وكذلك يتبدل أمر السواد والبياض، أنه لن يكون سوادًا أو بياضا من أجل البيئات. ولذلك ستتعجب يوم القيامة؛ لأنك قد ترى إنسان كان أسود في الدنيا، وتجده أبيض في الآخرة، وتجد إنسانا آخر كان لونه أبيض في الدنيا ثم صار أسود في الآخرة.
فلا يظن ظان أن الإنسان الأسود في الدنيا مكروه من الله، لا، إن الله يعطي كل واحد ما يناسبه، بدليل أن الله قد أمده باللون الذي يقويه على البيئة التي يحيا فيها. وفي مجالنا البشرى، نحن نعطي المصل لأي إنسان مسافر إلى مكان ما، حتى نحميه من شر مرض في المكان الذي يذهب إليه، كذلك خَلْقُ الله في الأرض فقد أعطى سبحانه لكل إنسان في تكوينه المناعة التي تحفظه؛ فالله لا يكره السواد لأنه حماية للإنسان من البيئة. وهذه المسألة ستتبدل يوم القيامة كما تتبدل الأرض غير الأرض، وتبيض الوجوه المؤمنة، وتسود الوجوه الكافرة.
أو أن البياض والسواد كليهما، أمر اعتباري، بدليل أنك ترى واحدا أبيض ولكن وجهه عليه غبرة ترهقه قترة، وترى واحدًا آخر أسود اللون، ولكن نور اليقين يملأ وجهه، وبريق الصلاح يشع منه، وأنت لا تقدر أن تمنع عينيك من أن تديم النظر إليه، ولذلك قال الحق: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22- 23].
أي أن ما في داخل النفس إنما ينضح على قالب الإنسان؛ وتظهره ملامحه، فقد يكون الأسود مضئ الوجه بالبشر والإشراق والتجلي بالجاذبية الآسرة، وقد يكون الإنسان أبيض الوجه لكنه مظلم الروح.
وهكذا نفهم ان اسوداد بشرة إنسان في الدنيا، إنما هو لمساعدة الإنسان على التواؤم مع البيئة، ومثال ذلك سواد العين وبياضها، هل يستطيع أحد أن يقول: إن بياض العين أحسن من سوادها، أو العكس؟. لا؛ لأن كل شيء معد لمهمته.
ومثال آخر: عندما يأتي عامل البناء ليثني عمود الحديد المستقيم؛ ويلويه، فهل يقال: إن هذا الإنسان قد عوج الحديد؟. لا؛ أنه يريد أن يشكل عود الحديد ليكون صالحا لمهمة معينة. وكذلك الاسوداد أو الابيضاض في الدنيا، إنما أراده الله ليتناسب مع ظروف الحياة في البيئة، أما في الآخرة فالدنيا قد زالت وفنيت، والأرض لن تكون هي الأرض والسماء لن تكون هي السماء؛ فالحق يقول: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [إبراهيم: 48].
فالمؤمن حين يرى ما أعده الله له من النعيم المقيم يقابل عطاء الله باستشراف نفس وسرور وانبساط، أما الذي يرى مقعده من النار فلابد أن يكون مظلم الوجه. والحق سبحانه يوجه سؤالا لهؤلاء: {أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} أو كأن هذا أمر يُفاجئ من كان يعرف هؤلاء الناس في الدنيا؛ فقد رأوهم في الدنيا بيض الوجوه، ولكن يرونهم يوم القيامة وعلى وجوههم غبرة سوداء وترهقهم قترة، فيقولون لهم: {أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}؟. وكأن ذلك هو سمة من يكفر بعد الإيمان. هذه هي سمتهم وعلامتهم في الآخرة أي ما الذي صيركم إلى هذا اللون؟ أنه الكفر بعد الإيمان.
فمن هم الذين كفروا بعد الإيمان؟
هذا يعني أن الإيمان قد سبق ثم طرأ على الإيمان كفر، وماتوا على ذلك الكفر، وهذا قول ينطبق على الذين ارتدوا عن الإسلام مثل ابن الأسلت وغيره، وهؤلاء كفروا بعد الإيمان. أو يكون {أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} يجعلنا نقول: البعدية هنا لابد أن يكون لها قبلية: ألم يأخذ الله على خلقه عهدا في عالم الذر حين استخرجهم من ظهر آدم؟ وقال سبحانه: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى} أنه إقرار إيماني موجود في عالم الذّر، فمن جاء في الواقع لينقض هذه المسألة فقد كفر بعد إيمان. أو أكفرتم بعد إيمانكم بمحمد، بعد أن جاءتكم به البشارات التي عرفتموها، وقرأتموها في التوراة والإنجيل، وقد تأكدتم أنه قادم لا محالة، وأنه رسول هذه الأمة وخاتم الرسل، وانطبق عليكم قول الحق: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ الله عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة: 89].
إذن فهذا القول، إما أن يكون في المرتدين، وإما أن يكون الكفر في واقع الدنيا بعد الإيمان في عالم الذر عندما أخذ الله العهد على الناس جميعا، أو يكون الكفر بعد الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جاءت به البشارات في التوراة والإنجيل، أو يكون ذلك من أهل الأهواء الذين أخذوا الدين وجعلوه شيعا، كالفرق التي خرجت عن الإسلام، وهي تدعى الانتساب إليه كالبهائية والقاديانية وغيرها. إن الآية تحتمل كل هذا، وعندما نمعن النظر إلى النص القرآني نجده يستوعب كل هذه المعاني.
وهنا نلاحظ أن الحق سبحانه أورد فقط: {أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} وهذا قول يختص بالكفار فقط يذوقون العذاب بسبب الكفر، وذلك يعني أن المؤمن بإيمانه سينال ثواب عمله. يقول تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ الله هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
ولنلاحظ دائما أن الله حين يبين جزاءً لمؤمن على إيمانه وطاعته فسبحانه يقول مرة: {أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأعراف: 42].
ومرة أخرى يقول: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِالله وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا} [النساء: 175].
ما الفرق بين الاثنين؟ إن الناس في العبادة صنفان: منهم من يعبد الله ويريد نعيم الجنة، فيعطيه الله الجنة جزاء لعبادته ولعمله الصالح. وآخر يعبد الله؛ لأن الله يستحق العبادة ولا تمر الجنة على باله، وهذا ينال ذات الرحمة، أنه ينال لقاء وجه الله.
وما الفرق بين الجنة والرحمة؟ إن الجنة مخلوقة لله، فهي باقية بإبقاء الله لها، ولكن الرحمة باقية ببقاء الله، وهذا ضمان كاف، فمن يرى الله فيه حسن العبادة لذاته سبحانه يضع الله في الرحمة.
وقلنا من قبل: إن هناك جنة من الجنات اسمها عليّون ليس فيها متعة من المتع التي سمعنا عنها في الجنة، كلحم الطير وغير ذلك، وليس فيها إلا أن ترى الله. وما دام العبد لا يأكل عن جوع في الآخرة، فما الأفضل له، جنة المتع، أو متعة رؤية وجه الله؟
أتتمتع بالنعمة أم بالمنعم؟ لا جدال أن التمتع برؤية المنعم أرقى وأسمى من التمتع بالمتع الأخرى. والدقة الأدائية في القرآن توضح لنا أن الرحمة تكتنف هؤلاء العباد الصالحين، وتحيط بهم، إنهم ظرف للرحمة وداخلون فيها فلا تمسهم الرحمة فقط، ولكن تحيط بهم، وهم خالدون فيها، ويؤكدها الحق بظرفية جديدة بقوله: {هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} فكأن هناك رحمة يُدخل فيها العباد، ثم يطمئننا على أنها لا تُنزع منا أبدا. فـ {فيها} الثانية للخلود، وفي الأولى للدخول في الرحمة.
وبعد ذلك يقول الحق سبحانه: {تِلْكَ آيَاتُ الله نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ}. اهـ.

.تفسير الآية رقم (108):

قوله تعالى: {تِلْكَ آَيَاتُ الله نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا الله يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما حازت هذه الآيات من التهذيب وإحكام الترتيب وحسن السياق قصب السباق أشار إليها مع قربها بأداة البعد وأضافها إلى أعظم أسمائه فقال: {تلك آيات الله} أي هذه دلائل الملك الأعظم العالية الرتب البعيدة المتناول، ثم استأنف الخبر عنها في مظهر العظمة قائلًا: {نتلوها} أي نلازم قصها، وزاد في تعظيمها بعد المبتدأ بالمنتهي فقال: {عليك} ثم أكد ذلك بقوله: {بالحق} أي ثابتة المعاني راسخة المقاصد صادقة الأقوال في كل مما أخبرت به من فوزكم وهلاكهم من غير أن نظلم أحدًا منهم {وما الله} أي الحائز لجميع الكمال {يريد ظلمًا} قلَّ أو جلَّ {للعالمين} أي ما ظلمهم ولا يريد ظلم أحد منهم، لأنه سبحانه وتعالى متعالٍ عن ذلك، لا يتصور منه وهو غني عنه، لأن له كل شيء. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال ابن عاشور:

الإشارة في قوله: {تلك} إلى طائفة من آيات القرآن السابقة من هذه السورة كما اقتضاه قوله: {نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ}.